Saturday, June 16, 2007

انا وجسدي -3-

اليوم يبدأ مبكرا غصب عني انا الذي اقلق كثيرا بالليل واستمتع بالقليل من النوم في الصباح .. فالحركة تهدأ ليلا مبكرة في اجنحةالمستشفى وانا لا استطيع النوم مبكرا فاشاهد التفزيون واتابع شخير المرضى وانينهم واحيانا هرولة الممرضات وهن يهرعن لمحاولة انقاذ مريض ما . تأتي السيدة المكلفة بتوزيع الشاي ةالقهوة والفطور كله مع بعضه وتنادي متصنعة المرح صباح الخير ياشباب . يسير في اعقابها صبي سورنيماي يساعد في التوزيع . من اول يوم وزعوا علينا قوائم بالطعام نختار منها ما يعجب .عادة لا افطر سوى قرقوشتين مع العسل الأبيض واكواب متلاحقة من الشاي ثم قهوة ولا اتغذى باكثر من فطعتي خبز توست اسمر وحتة جبنة بيضا منزوعة الدسم . العشا هو وجبتي الاساسية. لكن الفارق بين الغدا والعشا هنا ضئيل فالعشاء يوزع بين الخامسة والسادسة والغدا حوالي الوحدة .بعد صباح الخير ياشباب يكون المرور من الأطباء الكبار ومعم المتمرنين وخلفهم الممرضات. مرور سريع : ها كيف الحال سيد بسطا وهم ينظرون في الكارت المعلق بالسرير والذي تكتب فيه الممرضة الليلة والنهارية احوالي بالتفصيل . هل تحس بألم ؟ لا .. ممتاز . يكشفون عن الجرح .. يعاينون التحاليل . يهمسون بعبارات غامضة لبعضهم . يحيونني مودعين . خلاص. تمر السيدة المسؤلة عن اخذ عينات الدم للتحليل . البحث عن السرطان . اخذت اكثر من مرتين او ثرث مرات على ايام مختلفة من دمي . ماشي . اتغدى ةاتمدد اعاي التفلزيون وانعس لتوقظني اللمرضة او التليفون الخاص بي .
لا افكر في شيء مهم .. غالبا لا أفكر على الاطلاق في اشياء بعينها . انا شبه مخدر من الموروفين ومن البنج و لا أستطيع القراءة اكثر من نصف ساعة . عادة تأتي زوجتي يوميا. بمفردها معظم الوقت بعد العشا في البيت مباشرة . البيت قريب من المستشفى فركة كعب . تأتي يارا مع صديقتها. ديدي ياتي بفرده. بعض الصدقاء من وقت لآخر ,ممد وزوجته حوا. رينيه من حبيبي انا وعاطف وايمن وآخرين .

اليوم جاءت ممرضة متمرنة وقالت انها سوف تساعدني في اخذ حمامي . اترعبت . قلت لها افضل ان اخذ الحمام بمفردي . قالت هي واذا احتجت مساعدة ناديني . لا تغلق الباب . فكرة ان هذه البنت اللطيفة تحميني هي فكرة خارجة عن حساباتي . حتى ايام شبابي الغابر وعلاقات وزوجات احب ان اتحمم لوحدي . لعلها حاجة مسيحية قديمة خاصة بالتطهر والخطيئة والجسد العاري . هكذا لموا لي الاسلاك ونزعوا بعضها وتحاملت على نفسي في اليوم الثالث للعملية بان اتحرك متعثرا باتجاه الحمام الذي لا يبعد عن باب الغرفة اكثر من متر واحد . ظبطت لي البنية الماء وارتني ان اجلس على مقعد موجود هناك وبجواره مساند حديدية لمن يخاف التزحلق . شاهدت لأول مرة في مرآة الحمام الجرح في الخاصرة . جرح العملية , حلقت ذقني وتحممت . احسست براحة كبيرة وسعادة .

انه نفس المستشفى الذي اجريت فيه من قبل عمليتين صغيرتين للقلب. انه المستشفى الذي ذهبت فيه ماشيا انا وزوجتي حينما جائتني نوبة القلب وحجزوني في العناية المركزة.
انه مستشفاي

قد قضيت اسبوعا فيه وقبل ذلك بضعة ايام في كل مرة يضعون فيها داعامة في شريان القلب.
ما زلت التردد عليه حتى بعد ان نقلنا من الحي الذي سكنته ستة عشر عاما وولد فيه ابني الى بيت مستقل بحديقة صغيرة طيبة ..
هذا حلم قديم : بيت بحديقة . حلم يرجعني مرة اخرى الى مدني والى بيتنا وحديقت

No comments:

Post a Comment