عن الشخصيات -1-
في محاولة مستميتة للابتعاد عن التسيس في الكتابة، والاقتراب أكثر من كتابة لا سياسية حتى لو تم اتهامها بالبرجية العاجية، بعد أن اصبح الصيّع وشذاذ الآفاق قادة وأبطال وطنيين وقومجيين واستقلاليين ومهلباتية وغير ذلك وبالإضافة الى ذلك حيث اولاد الحرام ما خلوش لأولاد الحلال حاجة. قررت ان ادخل عالم المدونات بشكل محدد وهو ان الناس تعتبرني كاتبا طوال الوقت ، واعتبر نفسي كاتبا بعض الوقت . طيب والوقت الباقي بين افتراضي وافتراضهم ، أعمل ايه فيه ؟ لذا قررت ان ادون بعض الأفكار التي اعتقد انها غير سطحية وقد تكون هامة احيانا . افكار حول الكتابة بشكل عام ؛ كتاباتي وكتابات الآخرين . خباصة اني هذه الأيام ادخل نفسي في تجربة كتابية جديدة بدأتها قبل سنوات بشكل خجول في " غواية الوصال " حينما طلبت من شخصيتين نسائيتين تعرفت عليهما ان تساعدانني في الكتابة عنهما. وقد وافقتا، وسجلت ما كتبتاه بعد تغيير بعض الأصل حفاظا - بقدر الإمكان - على خصوصيتهما في عالم شرق اوسطي نمام يتغذى معظم ادعياء الثقافة فيه على جثث الآخرين. ينطبق عليهم قول فؤاد حداد : اكلت حبيبك ؟ قال اكلته يا حج. ويا حبيبي كان لحمك فج!
لكن الكتابة عن الشخصيات وهي ما تزال حية ؛ معضلة حساسة . فأين اقف من التدخل الشخصي في تحليلي للشخصية وبين حقيقة الشخصية . فمثلا بدأت بشخصية ايروسا في " ايثاكا" وهي مزيج معقد لثلاث شخصيات. فبعد ان نشرت الكتاب وجاءتني فكرة الكتابة عن ايروسا،بعثت للشخصيات الثلاث بمسودة صغيرة بعنوان " كنت اضحك في احلامي ". شرحت لهن الفكرة ؛ علما اني احطتهن علما مسبقا بأني ممتن لهن لأنه قمن بمساعدة لم يقصدنها في الكتابة عن ايروسا.شخصية منهن لم ترد على الميل . الشخصية الثانية ردت بأنها سعيدة . في الوقت ذاته قامت بتصحيح رؤيتي عن الشخصية وفقا لرؤيتها هي نفسها عن نفسها. الشخصية الثالثة طالبت بمزيد من الكتابة عن الشخصيات الثلاث ومزيد من الابتعاد عن الخصوصية والاقتراب اكثر من كشف الشخصية الحقيقية.
في خلال كتابة " كنت اضحك ..ط تعرفت على شخصية نسائية وكتبت عنها فصلا صغيرا ارسلته لها. كان فصلا صادقا عن حالة ايروتيكية تلبستنا كلينا ذات ليلة ورفضت هي بعد ذلك تكرارها بحجج مختلفة. حينما ارسلت لها ما كتبته عنها بعد ان ترجمته الى الإنجليزية ؛ سعدت به ، لكنها عادت فتراجعت عن احساسها الأول وأعلنت انها غير سعيدة بما تصورته انا عن الشخصية بل وغير متحمسة للعمل كله على حد قولها . كانت قد وافقت حينما طلبت منها في لقاء مباشر ان تكتب لي عن نفسها. عن هواجسها وحياتها واحباطاتها. عادت فتراجعت وأعلنت انسحابها النهائي من المشروع كله بدعوى انها غير معتمة اساس بفكرة الإيروتيكية.
لكني اعلم ان للكاتب الحق المقدس في كتابة ما يريد حتى لو اغضب هذا شخصياته. بشرط ان لا ينتهك خصوصية الشخصية ويعرضها ؛ لأكلي لحوم البشر.
هذه مقدمة لتبيان وجهة نظري في الدخول الى منطقة شبه محظورة في الكتابة بشكل عام ( عدا كتابة السيرة الذاتية _ هذا ان صدقت !-)
فالكتاب الذين يدعون انهم " خلقوا" شخصياتهم من العدم ، انظر اليهم بشك كثير. فليست هناك شخصيات تأتي من العدم المطلق ، او الإلهام او كل هذا اللغو. هؤلاء الكتاب ، يلتحفون بهذه الفرضية المبهمة حتى ينأوا بأنفسهم عن اتهامهم بسرقة شخصياتهم من اعمال سابقة، وخوفا من مسائلة شخصيات حقيقية لهم استخدموها دون حتى اشارة شكر وامتنان.
No comments:
Post a Comment